سورة الشعراء - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشعراء)


        


عاتب إبراهيمُ أباه وقومَه، وطالَبَهُم بالحجة على ما عابَهم به وقال لِمَ تعبدون ما لا يَسْمَعُ ولا يُبْصِرُ؛ ولا ينفع ولا يَضُرُّ، ولا يُحِسُّ ولا يَشْعُر؟ فلم يرجعوا في الجواب إلا إلى تقليدهم أسلافَهم، وقالوا:
على هذه الجملة وَجَدْنا أسلافَنَا. فنطق إبراهيمُ- عليه السلام- بعد إقامة الحجة عليهم والإخبار عن قبيح صنيعهم بمَدْح مولاه والإغراق في وصفه.


ذَكَرَهم بأقلِّ عبارة فلم يقل: فإنهم أعداءٌ لي، بل وَصَفَهم بالمصدر الذي يصلح أن يوصَفَ به الواحد والجماعة فقال: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّى}.
ثم قال: {إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ}، وهذا استثناء منقطع، وكأنه يضرب بلطفٍ عن ذِكْرِهم صفحاً حتى يتوصَّلَ إلى ذكر الله، ثم أخذ في شرح وصفه كأنه لا يكاد يسكت، إذ مضى يقول: والذي... والذي.... والذي..، ومن أمارات المحبة كَثْرَةُ ذِكْرِ محبوبك، ولإعراضُ عن ذكرِ غيره، فتَنَزُّهُ المحبين بتقلُّبِهم في رياض ذِكْرِ محبوبهم، والزهَّادُ يعددون أورادهم، وأَربابُ الحوائج يعددون مآربَهم، فيطنبون في دعائهم، والمحبون يُسْهِبونَ في الثناء على محبوبهم.


كان مهتداياً، ولكنه يقصد بالهداية التي ذَكَرها فيما يستقبله من الوقت، أي: يهديني إليه به، فإنِّي مَحْقٌ في وجوده وليس لي خَبَرٌ غنِّي!
والقوم حين يكونون مستغرقين في نفوسهم لا يهتدون من نفوسهم إلى معبودهم، فيهديهم عنهم إلى ربهم، ويصيرون في نهايتهم مستهلكين في وجوده، فانين عن أوصافهم، وتصير معارِفُهم- التي كانت لهم- واهيةً ضعيفةً، فيهديهم إليه.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10